الشوارعُ مُزدَحِمةٌ , وأنا وَسط الزِحام بِسيارتي..
السوقُ يَعُجُ بالبشر, وأبواقُ السيارت وأصوات الباعـه
وصياحُ الاطفال والموسيقى وخَليطٌ من هذا وذاك
في كُل دقيقةٍ أو إثنتين نَعبُرُ مِتراً للامـام ..
وأنا مُتوقف أصابني الضجر وصِرتُ أُطلقُ أبواق سيارتي
أمامي سيارةٌ أتمنى أن يُخلق لها أجنِحه وتُصبح طائراً وتُحلقُ من أمامي لكي أتقدم قليلاً وآخذ مكانها
وورائي سيـارةٌ أتلـو على صاحِبِهـا ( إن الله مع الصابريـن )
سُبحان الله هكذا نَحنُ البشر .!!
ألتفتُ يميناً وشِمالاً . أُغذي بَصري بخطايا البشر
شَعرٌ مَنثورٌ هُنا , وساقٌ عارية هُناك , وصَدورٌ تُريدُ أن تُغادر مَساكِنِها ...
على الطرف الايمن
فتاةٌ لَم تَبلغ السادسة عَشر مِن عُمر طفولتها...
لِباسُها عادي ومُحتَشم
تَقفُ بجانِبِ أحد أبواب المحلات.. وكأنها تَنتظر أحداً ما
تأملتُها وأنا أستَجدي نَظرةً مِنها صوبي
وأخيراً توجهت اللواقطُ وأجهزة الاستقبال
نحوي .. فــ إخترقت تلك النظرةُ زُجاج سيارتي
إلى أن وَصلت لــ حَدقة عَيني
فلم يَرتَد البصرُ إلا مَذهولاً مِن وقع الحدث
أطلتُ التأملَ بوجهها وأطالت هي نَحت الزُجاج
فَرغتُ تَنهيدةً مُحترقةً مِن صَدري .آه آه
إن الجمال يأسِرُني دائماً ويُدخلني في حيرةٍ تُعززُ توهاني
مَددتُ يَدي الى مِفتاح الزُجاج الكهربائي في السياره وأنزلتُ الزُجاج
لعلي أشّتَمُ عِطراً مِن صَوبِها .. ولكي تَكتمل الصورةُ عِندي
مَشت هذه الفتاه صوبي والعيون لا تُخطىء المسار كُلها بإتجاه بعضها
قَطعت زِحام السيارات المتوقفه وكأنها تَشُكُ إبرتها في جَسد الطريق
إقتربت من سيارتي أكثر وأكثر ..
يبدو لي أنها آتيـةٌ إلي وأن آخر خَيط إبرتهـا سَيُعقدُ عِندي .!!!
وضعت يدها على سيارتي وقالت : السلامُ عَليكم
ورددتُ السلام وزِدتُها .. بــ كيف الحال ؟؟
مَدت يَدها اليُمنى ( بقـوه ) وأقتربت من مُلامسة نَحري .!!
قالت : ساعدني أرجوك . فأنا مُحتاجه .!!!
يااااااه ..
تسـعُ تساؤلاتٍ دارت في ذِهني ... ولا إجابات .!!
فــ جاوبتُ تِلك التساؤلات بسؤالٍ لَها ..
بِما أُساعدكِ ؟؟
قالت : بِما تَجودُ نَفسكَ من مال .!!
يااااااه ..
تسعٌ وتسعون سؤال دار في ذِهني ... ولا إجابات .
قلت : لَهجَتُكِ غَريبةً عن هذا البلـد .!! ؟
يبدو لي أنك من الاشقـاء النازحين؟؟
قالت : نعم .. نَحنُ مَن شُرّدنـا مِن وطننا بسبب القتال الدائرِ هُناك
قلت : وما يُجبركِ على هَدر كَرامتكِ بالتعطي والطلب ؟؟
قالت بِحزن مَكسور :
أجبرنا حاكمٌ مُتجبر .!!
غَرغَرت روحي قَبل عَيني .. وغَصةٌ لا تُريد أن تَخرج ولا تَدخل
ضَربتُ المِقـود وصَرختُ بصوتي .. يا الله.. يا الله
تبـاً وسُحقـاً لكَ
يـا رَقيب السيـر ..
فلك حائـر